فقرة خارج السياق للكاتب جورج صبّاغ.
أصعب شعور شعور بالغربة وانت في وطنك. ونحن نجوب مدننا ونتجول في شوارعها كما في قرانا ودساكرنا الجميلة، بتنا نشعر وكأننا في وطن آخر.نشاهد بشرا مستوطنين أرضنا من كافة الأعراق والجنسيات ويتحدثون مختلف اللغات واللكنات وانماط العيش والتقاليد والعادات الغريبة عن مجتمعاتنا اللبنانية، فينتابك شعور الغربة عن الوطن وانت على أرضه وفي كنفه. الحزن يملأ قلوبنا ويعتصرها عند مشاهدتنا هذه الأعداد من البشر غير اللبنانيين الذين باتوا يفوقون او يوازون بالحد الأدنى، باعدادهم الكبيرة عدد الشعب اللبناني المقيم، وفي مقدم هذه الجماعات بكل تأكيد النازحين السوريين الذين لم تحلّ مسألة عودتهم الى الآن بل اعدادهم في ازدياد مضطرد وكلنا نعيش حالة القلق من وجودهم والخوف على المصير إزاء ما يُخطط للمنطقة والتغيير الديموغرافي والجيوسياسي في المشهد الحاصل حاليا في المشهد العام القائم.هل نحن في لبنان سندفع فاتورة مصالح سوانا ونُستبدل بشعوب أخرى شيئا فشيئا كتوطين الفلسطينيين والنازحين السوريين سيما وأننا نعيش خللا ديمغرافيا خطيرا في وعلى الكيان اللبناني برمته تارة بالضغوط الخارجية والحصار الإقتصادي والمالي والأمني وطورا بالخلافات الداخلية وزعزعة الوحدة الوطنية والصراع على السُلطة بين المكونات وعند كل استحقاق؟ نعم نأسف كما نخشى من استمرار نزيف الهجرة المتزايد خاصة للطاقات الشبابية والنُخب الثقافية كما لعائلات بأكملها، كالطيور المهاجرة الباحثة عن الأمان في اعشاش اصقاع الأرض والرزق الوفير وفضاءات الحرية، فتستوطنها دونما عودة، فكيف نوقف مسألة تصدير فلذات اكبادنا الى دول الاغتراب الذين يُبدعون أينما حلوا في نهضة وإعلاء شأن تلك الدول من مواهبهم وعلومهم وثقافاتهم وتجاربهم الخلاقة وتفوّقهم وتميّزهم، وهذا الخيار وإن كان مؤلما وطنيا فهو حق مشروع لهم من حيث المبدأ والحرية الشخصية، واننا لا بد من التذكير بأن الهجرة اللبنانية الكبرى بدأت في اواسط القرن الثامن عشر ويبلغ عدد المغتربين من أصل لبناني الى الآن في مختلف القارات حوالى 15 مليون مواطن.طيورنا المهاجرة تترك مرغمةً “جنة الله على الأرض” وتغادر “وقف الله” كما قال سبحانه ووصفه ل “موسى”.
ونختم قائلين عسى أن يعود كل من سافر او هاجر قاصدا العلم والتطور والعمل والاسترزاق وبناء مستقبل افضل، وألا يبقى في الوطن فقط عجزته وكهوله وحاملي مفاتيح البيوت المقفلة، وأن نواجه كل المشاريع المشبوهة من التفتيت والتقسيم والفرز والضمّ، والتوطين، كي يبقى وطن ال 10452 كلم ٢، وطن اللبنانيين وحدهم ولكل اللبنانيين وطن الآباء والأجداد الذين ضحوا وناضلوا من أجل أن نورثه نحن، وطنا موحدا في تنوعه عزيزا مزدهرا، ولأنه وطن القديسين فهو أمانة في اعناقنا جميعا،واختم قائلا : “نيال من له مرقد عنزة في جبل لبنان “، والسلام.